الكتب كماركات
الكتب كماركات
مع اقتراب معرض مسقط للكتاب 2022والمقرر في نهاية فبراير وبداية مارس ستأتي دور نشر مختلفة من مختلف البلدان العربية محملة معها كتبا متباينة ما بين الجيد والرديء.
لا يفوتني هنا أن أستذكر موقفا لفت انتباهي في آخر سنتين تواجدت حينها في معرض مسقط للكتاب. في أحد الأجنحة تكدس عشرات من المشترين أو الزبائن أمام إحدى دور النشر ولا أبالغ إن قلت أن الزبائن كلهم ينتمون إلى العنصر النسائي. لما اقتربت أكثر من المشهد خيل إلي أنني أمام سوق المزادات تستعرض فيها البضائع وتفحص جيدا. الباعة -أغلبهم من جنسية خليجية- يقومون بعرض بضاعتهم بطريقة تلفت الانتباه أما الكتب المعروضة فكل منها قد أطر بغلاف يظهر عليه بحجم كبير صورة لشاب وسيم -قد يكون مشهورا- أو شابة مؤثرة.
حالة الكتب يرثى لها فتراها وكأنها قد كشّفت عوراتها لكثرة المتصفحات. ما لفت انتباهي أيضا أنه حينما يقوم البائع - وهو شاب خليجي - بشرح محتوى الكتاب لم تكن الفئة المستهدفة من النساء تستمع إلى ما يقوله بقدر ما كانت تدقق في ملامح ذلك الشاب.
شهدت أيضا في ذلك الجناح حضور مشهور إعلامي ليوقع على إصداره ورأيت كذلك جنون بعض المشتريات وهن يسرعن في شراء نسخة من كتاب ذلك المشهور ليصففن طابورا طويلا بانتظار إمضاء الكاتب .
أدرك منذ فترة طويلة تفاهة تلك الكتب وتفاهة رواديها ومع ذلك أذكر هنا مفارقة حدثت في تلك السنة نفسها وهي أنني توقفت بجانب إحدى دور النشر باحثا عن كتاب معين فصادفت عمانيا يبيع كتبا في تلك الدار سألت البائع عن عنوان كتاب كنت أبحث عنه وقبل أن يشرع في البحث عن الكتاب قدم لي كتابا آخر وقال لي تصفحه ريثما أجد لك الكتاب الذي تبحث عنه . أخبرني ذلك الشاب لاحقا أنه صاحب الكتاب وأنه يقوم مقام البائع الذي ذهب خارجا ليدخن.
هنا أدركت ما يقوم به بعض أصحاب دور النشر حيث يعامل الكتب معاملة أي منتج آخر من حيث أنه يعمل على صكها كماركة مسجلة ثم يقوم أي مشهور أو مؤثر بالترويج للكتب التي يصدرها ثم ترى الآلاف تتاهفت لشراء ذلك الكتاب ولهذا فهذه العمليات أو المراحل تٌفقِد القيمة المعنوية للكتاب وتخرج في النهاية منتجا يتم استهلاكه كأي زجاجة عطر أو ساعة أو نظارة.
في المقابل الكاتب - إذا لم يتلقى على دعم - سيسقط في وحل التهميش وكل كلماته التي سطرها ستنتهي إلى زوال حتى ولو كتبت تلك الكلمات بماء الذهب.


Comments
Post a Comment