لماذا هجرنا القرآن?

‏‎#لماذا_هجرنا_القرآن?

يظن الكثير أن المسلمين هجروا القرآن لانشغالهم بالحياة ويعتقدون أن هجران القرآن يعني قلة قراءته وهذا غير صحيح تماما

فهناك ملايين المسلمين يقرأون القرآن في كل يوم وفي كل ثانية منذ مئات السنين...

‏‎#لماذا_هجرنا_القرآن

هجران القرآن الكريم ليس وليد اللحظة بل بدأ منذ عهد الصحابة - للأسف الشديد- بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم

‏‎#لماذا_هجرنا_القرآن

المقصود بهجران القرآن عدم تدبره لأن الله تعالى أمرنا بتدبر القرآن الكريم في مواضع عدة  *افلا يتدبرون القران ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا*

 *افلا يتدبرون القران ام على قلوب اقفالها* 

 *كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته*

‏‎#لماذا_هجرنا_القرآن

المسؤولية بالدرجة الأولى تقع على عاتق العرب ثم بعد ذلك المسلمين يقول الله تعالى:

وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (30)

فالرسول لم يقل 'أمتي' بل قال 'قومي'

‏والرسول كما نعلم عربي ولد بمكة وعاش في بيئة عربية خالصة والقران نزل بلغة العرب  " لتتميّزُ اللغة العربية بالفصاحة، والرصانة، والجودة، وسلامة التراكیب والمرونة والإيجاز واحتفظت بكامل مقوماتها الصوتية"

‏*انا انزلناه قرانا عربيا لعلكم تعقلون*

  *قرانا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون * *كتاب فصلت اياته قرانا عربيا لقوم يعلمون*

 *نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ(193) عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ (195)*

‏*وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَىٰ بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ*فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ* 

ولهذا فمن أهم أدوات فهم القرآن الكريم المعرفة التامة بلغته كما لو أن لديك كتاب فيزياء فمن الصعب فهم هذا الكتاب إلا بمعرفة لغته ولغة الفيزياء الحساب.

‏‏فهو كتاب هداية من رب العالمين *لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد* 

ورحمة وذكرى للمؤمنين.

وهو الكتاب المتواتر المحفوظ بحفظ الله له

*ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين*

*انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون*

‏‎#منع الرسول من كتابة الحديث

جُمع القرآن الكريم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وذلك تحت إشرافه -وليس كما يعتقد أنه جمع لاحقا -وكان المسلمون يحفظونه في الصدور قبل السطور ولأنه النبي استشرف ما سيحدث في المستقبل فقد أمر بجمعه قبل وفاته فعن ابي عبيدة مسلم بن ابي كريمة قال: بلغني أن الرسول ص كان إذا نزلت عليه آية قال:"اجعلوها في سورة كذا " وما توفي رسول الله ص إلا والقرآن مجموع متلو. وعن ابي عبيدة عن جابر بن زيد عن ابي سعيد الخدري قال: نهى رسول الله أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو لئلا يذهبوا به فينالوه.

‏وكانت مجموعة من صغار الصحابة تقرأ وتكتب كل ما يقوله النبي ص ومنهم أنس بن مالك وأبو سعيد الخدري وجابر بن عبدالله الأنصاري

فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن كتابة الأحاديث حيث روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري أن الرسول قال:(لا تكتبوا عني ، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه )

‏

يقول المحدثون وغيرهم أن سبب نهي الرسول عن الكتابة مخافة اختلاط الحديث بالقرآن وأنه نسخ لاحقا

حيث روى الإمام أحمد وأبو داود عن عبد الله بن عمرو قال : كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه ، فنهتني قريش عن ذلك ، وقالوا : تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله ‏ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا ؟ فأمسكْتُ عن الكتابة حتى ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأومأ بإصعبه إلى فيه ( أي فمه ) فقال : ( اكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق )

 وقالوا - المحدثون- ‏ أن الرواية السابقة تدل على إباحة الكتابة وأن بعض الصحابة كانت لهم صحائف كتبوا فيها من حديث رسول الله ص ما سمعوه أو بعضه ، فكان لعبد الله بن عمرو صحيفة تسمى ( الصادقة ) رواها عنه حفيده عمرو بن شُعَيب ، وكان لجابر بن عبد الله الأنصاري صحيفة ، وكذلك أنس بن مالك كانت له صحيفة وكان يبرزها في مجلسه.

‏‏وأرى أن السبب السابق ليس الدافع الأساس الذي جعل رسول الله يقوم بمنع صغار الصحابة من كتابة الحديث لأنه لا يوجد تضاد بين السنة والقرآن فالرسول كان خلقه القران كما وصفته السيدة عائشة رضي الله عنها ولكن الدافع وراء ذلك يكمن في نقطتين :

‏1- خاف الرسول اعتقاد الناس - وخاصة من يلتحقون بالإسلام بعد وفاة الرسول - أن تصرفات الرسول البشرية هي تشريع إلهي.

2- عَلم الرسول من خلال فهمه للقرآن أن الله وعده بحفظ القرآن ولم يعده بغير ذلك وأدرك أنه سيأتي من يحرف كلام رسول الله ويتخلى الناس عن تدبر القرآن وهذا ما حصل فعلا .

..

هل سمح الرسول ص "ابناء الصحابة" المذكورين انفا كتابة الحديث كما قال عبدالله بن عمرو ?

ولماذا لم يتسابق كبار الصحابة امثال علي وغيرهم لهذا الشرف?

وما الأسباب التي دفعت بعض صغار الصحابة يلحون على النبي في أكثر من مناسبة كي يسمح لهم بكتابة احاديثه?

‏‎#لماذا_هجرنا_القرآن

الحلقة الثانية: منع الرسول من كتابة الحديث ج2

تحدثنا في الحلقة الأولى عن نهي الرسول ص صغار الصحابة كتابة الحديث ولكن المحدثين يحتجون أن هذا الحديث منسوخ بحديث مروي عن عبدالله بن عمرو يقول : كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه ، فنهتني قريش عن ذلك ، وقالوا : تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله ‏ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا ؟ فأمسكْتُ عن الكتابة حتى ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأومأ بإصعبه إلى فيه ( أي فمه ) فقال : ( اكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق )

وبالرجوع الى دلالات القران الكريم والتي تشير الى حقيقة بشرية الرسول وان ما يميزه عنا هو  نزول الوحي عليه.

قال تعالى  *قل انما انا بشر مثلكم يوحى الي انما الهكم اله واحد فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا*   وقال ايضا *وما ارسلناك الا مبشرا ونذيرا*

  *وما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا او من وراء حجاب او يرسل رسولا فيوحي باذنه ما يشاء انه علي حكيم*

واعترض المشركون مسألة كون الرسول بشر مثلهم وهذا الاعتراض والانكار لم يطل الرسول محمد ص وحده فقد أٌنكر على رسل من قبله فلم يكن الرسول بدعا منهم. فإنكار قريش يدور حول قضية بشرية الرسول وان ما يكتبه ما هو الا كلام بشر. 

أمر الرسول عبدالله بن عمرو بالكتابة عنه وبين له ان ما  يخرج من الرسول هو حق وبالرجوع الى ايات الكتاب العزيز يتبين لنا ان الكلام الذي يقصد به الرسول هو كلام يختلف عن كلام البشر هو كلام رب البشر هو القران الكريم المتواتر 

* الحق من ربك فلا تكونن من الممترين*   

*ذلك بان الله نزل الكتاب بالحق وان الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد*

 *تلك ايات الله نتلوها عليك بالحق وانك لمن المرسلين* 

 *نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وانزل التوراة والانجيل*

 *تلك ايات الله نتلوها عليك بالحق وما الله يريد ظلما للعالمين*

 *انا انزلنا اليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما اراك الله ولا تكن للخائنين خصيما* 

 *يا ايها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فامنوا خيرا لكم وان تكفروا فان لله ما في السماوات والارض وكان الله عليما حكيما*

  *وانزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما انزل الله*

وغيرها من الايات الكثيرة فالكلام الحق ارتبط بالقران الكريم الصادر من الحق عز وجل.

 

وقد امر الرسول عدد من الصحابة بجمع القران وقد يكون عبدالله بن عمرو منهم. واذا افترضنا جدلا ان الرسول امر بكتابة الحديث فلم لم يتسابق كبار الصحابة ممن يعرفون القراءة والكتابة إلى نيل شرف كتابة حديث الرسول! وقد حثهم القرآن الكريم على طاعة الرسول والتنافس على فعل الخيرات! فلم نرى الامام علي قد دون احاديث رسول الله ولا عثمان بن عفان ولا غيرهم فهل خالفوا رسول الله! واعتقد ان الاجابة عن هذه التساؤلات بسيط للغاية وهو ان الرسول لم يامرهم عن كتابة اي حديث عنه الا القران الكريم ( لا تَكْتُبُوا عَنِّي وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَليمحه)  وفي رواية اخرى (وحدثوا عني ولا حرج) وهذه الزيادة انما هي مناقضة لما قبلها من نهي النبي بالكتابة عنه فكيف ينهى النبي عن كتابةالحديث وهي أكثر توثيقا من الرواية الشفهية!

وقد الح بعض صغار الصحابة كابي سعيد الخدري على الرسول بكتابة الحديث فامتنع وهذا الالحاح نابع من حب صغار الصحابة الشديد لرسول الله فقد كانوا يرون رسول الله ص عظيما - وهو كذلك - وأرادوا تعويض عدم مشاركتهم في الحروب الكبرى -بدر وأحد- في تقديم شيء للاسلام وظنوا ان تدوين حديث رسول الله سيكون خدمة للاسلام والمسلمين. 

‏‎#لماذا_هجرنا_القرآن

الحلقة الثالثة: بداية انحراف البوصلة 

يروي الذهبي في كتابه "سير أعلام النبلاء" يقول: عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو ، عن وهب بن منبه ، عن أخيه همام : سمعت أبا هريرة يقول : ((ما أحد من أصحاب رسول الله أكثر حديثا مني عنه ، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو ، فإنه كان يكتب ، وكنت لا أكتب)) هذه الرواية توضح لنا أن عبدالله بن عمرو خالف رسول الله وقد أمر الرسول الصحابة بعدم كتابة اي شيء عنه عدا القران كما أثبتنا في الحلقة السابقة وعلى الرغم من هذا التحذير فقد روي أن  بعض الصحابة كانت لهم صحائف خاصة كتبوا فيها روايات عن النبي ص .

بعد وفاة الرسول ص وتولي ابي بكر الصديق انتشرت الروايات بشكل كبير مما دعى الخليفة الى احراق صحف تحتوي على أكثر من 500 حديث بحسب رواية السيدة عائشة بنت الصديق فقد قالت «جمع أبى الحديث عن رسول الله (ص) وكانت خمسمائة حديث، فبات يتقلب كثيراً.. فغمَّنى، فقلتُ: أتتقلَّب لشكوى أو لشيء بلغك؟ قال: أى بُنية، هلمِّى الأحاديث التى عندك، فجئته بها. فدعا بنار فأحرقها».

وقد يحتج بضعف سند هذه الرواية الى ان هناك رواية تدعمها وبسند معتبر أن ابا بكر لما رأى تفشي الروايات جمع الناس وقال لهم: «إنكم تحدِّثون عن رسول الله أحاديثَ تختلفون فيها، والناسُ بعدكم أشدُّ اختلافًا، فلا تحدِّثوا عن رسول الله شيئًا، فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله، فاستحِلُّوا حلاله، وحرِّموا حرامه». ونذكر بعض أسباب هذا الانتشار في الأحاديث في عصر ابو بكر الصديق منها:

1- عوامل خارجية: انتشار الاسلام جعل الذين دخلوا الإسلام مؤخرا ينظرون إلى صحابة رسول في منزلة عالية بحكم الصحبة - حتى وإن كانت قصيرة-  فالتمسوا منهم الحديث عن شخص رسول الله وعن اخلاقه وافعاله فاستجاب لهم بعض صغار الصحابة والمتؤخرين من الصحابة.

2-عوامل داخلية: دوافع جعلت من بعض صغار الصحابة والمتؤخرين منهم يكثرون من الأحاديث قد تكون محبة لرسول الله او انتصارا للاسلام وقد تكون انتصارا لهوى النفس او سدا لفراغ!!

‏‎#لماذا_هجرنا_القران

الخلفيات التي ورثناها وتقبلناها دون وعي سواء كانت خلفيات دينية أو ثقافية أو اجتماعية أو تاريخية تشكل عائقا كبيرا في فهمنا وتدبرنا للقران.

‎