الجنون

"الجنون"

صفة الجنون قد تكون في مخيلة الكثير من الناس صفة سلبية وهذا لا يعني كذلك أنها صفة إيجابية محضة فالجنون صفة في غاية التعقيد لأنها تختلف باختلاف سايكولوجية  الإنسان. لعل الكثير من الناس يلقون صفة الجنون على أولئك من هم في خارج إطار توقعاتهم فقد اتهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنون -وحاشاه- لما رأوه قد أتى بشيء خارج عما تعودوا عليه فقد دعى عليه أفضل الصلاة والسلام بإخلاص العبادة لله وعدم اﻹشراك به والمساواة بين الناس بغض النظر عن أعراقهم وغيرها الكثير وقد اتهم الكثير من العظماء بهذه التهمة

في هذا المقال لا نرجع هذه الكلمة إلى معناها الإصطلاحي أو توصيفها القانوني أو الطبي بل نركز على التوصيف الخاطئ أو الصحيح لكلمة الجنون لكل من لديه كامل القوى العقلية واﻹدراكية والحسية. ولعل هذا يحتاج إلى اطلاع واسع ومجلدات تألف في هذا الخصوص.  كما ذكرنا آنفا هناك توصيفان للجنون أحدهما خاطئ واﻵخر صحيح.التوصيف الخاطئ يتعلق بشكل مباشر على الحكم الظاهري لردود اﻷفعال أو اﻷفعال ذاتها  وعدم استخدام العقل في التفكير وإلقاء التهم بحجج واهية. دائما ما يكون الرسل والمفكرين والعباقرة والعلماء أكثر الناس المعرضين بتهمة الجنون لأنهم أذهلوا العالم بما قدموه للبشرية كل باختصاصه فصعب للغاية أن تغير قناعات امتدت لسنوات في أذهان معتنقيها.
في الجانب اﻵخر فإن التوصيف الصحيح يتمثل في معرفة اﻹنسان من خلال سلوكياته والتي تعكس غالبا شخصيته. وهذا ما يتعلق بعلماء النفس الذين باستطاعتهم معرفة حالة الشخص وسلوكياته وما يعتقده وهناك أمثلة على هذا النوع من الجنون كجنون الارتياب وجنون العظمة..
*أمة القرن الحادي والعشرين مجنونة*

مرت سنوات عديدة منذ قيام النهضة اﻷوروبية بعدما كانت تعيش في عصر مظلم تحت وطأة كهنوت الكنيسة فقد قاموا بفصل الدين عن الدولة وحق لهم ذلك بعد أن رأوا تبعات تسليم زمام اﻷمور للبابا. لقد استفاد الغرب اﻷوروبي من ذلك الدرس في بناء نهضتهم  ولكن انغماسهم في الماديات وحب التملك والاستحواذ أدى إلى قيام حروب عالمية عانت منها البشرية كلها. 
في الجانب اﻵخر يعيش العرب في حالة مستمرة من الهذيان تجعلهم غافلين عما يحدث حولهم.الكل يعيش في حالة واضحة من الجنون سواء كان على الصعيد الغربي أو العربي  وخاصة في مجتمعنا العربي وهذا الجنون يتمثل في حب الذات والطائفة والجماعة والدفاع المستميت بآراء تلك الفئة وعدم الاعتراف بالخطأ مهما كان ومهما سيكون. كما لا نزكي الغرب الأوروبي الذي يرى العرب كأعراب لا يعرفون شيئا ولا يفقهون. 
وهذا الجنون يبدوا واضحا على مستوى الحكام الظلمة والطواغيت والذين يمشون على مبدأ "نحن ظل الله في اﻷرض". وقد يعم هذا الهذيان جماعات من الناس فيقدسوا ما ليس بمقدس وينفروا مما هو مقدس. وقد يتعدى إلى الشخص بعينه ويكون مذهونا وهو لا يدري بذلك فكل شخص لا يتقبل أي شكل من أشكال النقد مصاب بذلك لأنه جعل من إلهه هواه ولم يجعل أي مرونة بينه وبين نفسه. 
إن هذه الأمة تحتاج إلى طبيب ليعالجها من مرض الجنون الذي ما زال يصيبها وليس هنالك أعظم من طبيب القلوب وشافي الصدور ألا وهو القرآن الكريم. فلنحسن تدبره قبل أن تتنهاشنا اﻷمم لأنه الحل الوحيد لإزالة العصبيات والحقد والغل وتقديس الذات والمجتمع ولكننا أذعنا عنه وانشغلنا بسفائف اﻷمور وصدق الله العظيم عندما قال:"أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها" صدق الله العظيم.



28/10/2016

Comments

Popular Posts